الشوكة: القرن ال11 ، توسكانا
كان النبلاء الرومان والعوام يأكلون بأصابعهم، كما فعلت جميع الشعوب الأوروبية حتى ظهور الوعي في بداية عصر النهضة.
من بداية العصر الروماني فصاعدا، كان عامة الشعب يمسك طعامه بخمسة أصابع. اما الاشخاص النبلاء فقد كانوا ياكلون بثلاثة أصابع فقط بدون البنصر و الخنصر.
الدليل على أن الشوك لم تكن تستعمل في أوروبا في وقت متأخر من القرن السادس عشر -و ان الطريقة الرومانية "الاكل بثلاثة أصابع" كانت لا تزال سائدة- يأتي من كتاب آداب في 1530. حيث كان ينصح عند تناول الطعام في "المجتمع الراقي" ينبغي للمرء أن يكون منتبها أن لا يستخدم سوى ثلاثة أصابع، وليس خمسة. لانها واحدة من علامات التفرقة بين الطبقات العليا والسفلى .
كلمة "شوكة" يأتي من كلمة furca اللاتينية، و معناها مذراة الفلاح و التي هي صورة مصغرة منها. أقدم الأمثلة المعروفة عثر عليها في موقع أثري في Catal Hoyuk في تركيا تعود إلى حوالي الألف الرابعة قبل الميلاد. ومع ذلك، لا أحد يعرف على وجه التحديد ماذا كانت وظيفة هاته المذراة البدائية المصغرة. المؤرخين يشكون أنها كانت من أدوات المائدة.
الشيء المعروف على وجه اليقين هو أن شوك صغيرة لتناول الطعام ظهرت لأول مرة في القرن الحادي عشر بتوسكانا، وأنها اثارت الامتعاض على نطاق واسع.
أدان رجال الكنيسة استخدامها، بحجة أن أصابع الإنسان فقط، خلق الله، كانت جديرة للمس فضله و نعمه، ومع ذلك، واصلت الشوك المصنوعة من الذهب والفضة تصنع بناء على طلب من الأثرياء التوسكانيين. معظم هذه شوك كانت لها سنان فقط. لمئة سنة على الأقل بقية الشوكة اداة مثيرة للجدل. سجل مؤرخ إيطالي حفل عشاء استعملت فيه امرأة من نبلاء البندقية شوكة من تصميمها الخاص متحملة توبيخ العديد من رجال الدين الحاضرين . توفيت المرأة بعد أيام من العشاء، و يفترض انها ماتت من الطاعون، ولكن رجال الدين علقوا على الحادثة بأنها كانت العقاب الإلهي، و حذروا الآخرين من التكلف و استعمال الشوك.
بعد قرنين من ظهورها في توسكانيا، انتقلت الى انكلترا على يد توماس بيكيت، رئيس أساقفة كانتربري والمستشار البريطاني تحت حكم هنري الثاني. له شهرة في حماسته في الدفاع عن القانون الكنسي، هرب بيكيت من إنجلترا عام 1164 لتجنب المحاكمة ، عندما عاد بعد ست سنوات، بعد عفو من الملك، وجد ان النبلاء يستخدمون الشوك للمبارزة .
وبحلول القرن الرابع عشر، كانت الشوكة في انكلترا لا تزال مجرد شيئ مكلف صنعته المخيلة الإيطالية. في 1307 و في عملية جرد ممتلكات الملك إدوارد الأول وُجد أن من بين الآلاف من السكاكين ومئات من الملاعق، انه يمتلك سبعة شوك فقط ،ستة من الفضة و واحدة من الذهب. وفي وقت لاحق من ذاك القرن، امتلك الملك شارل الخامس من فرنسا اثني عشر شوكة فقط ، ومعظمها كانت مزينة بالأحجار الكريمة ، و لا تستخدم للأكل.
كان الناس لا يزالون يلتقطون طعامهم بعدد من الطرق المتنوعة و المقبولة. اما بطعن الطعام بواحد من زوج من السكاكين المعدة للاكل، او بملعقة، أو بثلاثة أصابع . و حتى في إيطاليا، البلد الأصلي للشوكة ، كان لا يزال مصدرا للسخرية في القرن السابع عشر و خاصة بالنسبة للرجل، الذي كان يلقب بمخنث إذا استخدم شوكة.
صدر منشور في البندقية في 1626 خبر أن زوجة دوق، بدلا من تناول الطعام بشكل صحيح بالسكين والأصابع، أمرت خادما لها بقطع طعامها الى قطع، و أكلت بعدها بواسطة شوكة من شقين. " تكلف اكثر من المعقول يكتب المؤلف،" . ظلت الشوكة نادرة الاستعمال في أوروبا . وبعد ربع قرن، نشر في كتاب آداب يعتقد أنه من الضروري تقديم المشورة بشأن شيئ لم يكن بعد من البديهيات: "لا تحاول أن تأكل الحساء بالشوكة".
متى إذن أصبحت الشوك موضة؟ و لماذا؟
لاحقا في القرن الثامن عشر، و للتأكيد على التمييز الطبقي. مع بزوغ شمس الثورة الفرنسية في الأفق، ومع تشديد الثوار على المثل : "الحرية، المساواة، و الأخوة. زادت طبقة النبلاء الفرنسيين و الطبقة الحاكمة من استخدامها للشوك و على وجه التحديد ذات الأربعة اسنان. أصبحت الشوكة رمزا للترف، و الرقي ، والمكانة. و فجأة، اصبح لمس الطعام حتى و ان كان بثلاثة أصابع عمل أرعن، و خال من الرقي.
ظهرت علامة إضافية على تمييز الطبقات على مائدة الطعام حيث تم ضبط الأدوات و الأواني الفردية لكل الحاضرين الأرستقراطيين . اليوم، حتى في أشد الأسر فقرا، تجد ان استخدام أواني طعام منفصلة هي أمرا شائعا. ولكن في القرن الثامن عشر في أوروبا، معظم الناس، وبالتأكيد الطبقات الفقيرة، كانوا لا يزالون ياكلون في الأطباق المشتركة ،و حتى الشرب في كاس مشترك. كتاب آداب اخر نشر في تلك الفترة ينصح: "في حالة اكلت مع مجموعة من الناس من نفس الطبق، يجب الحرص على عدم وضع يدك فيه قبل ان يفعل الأشخاص الأعلى مكانك ذلك. "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق